الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

سيادة الرئيس..!


المكان: أحد أهم المباني في مصر(بالقرب من مطار القاهرة الدولي).
المنطقة: جمهورية مصر العربية
الزمان: 25 يناير لعام 2031
...
...
...
طرقات على الباب ... من الداخل يأتي الصوت قوياً وحازماً:
- أدخل.
- صباح الخير يا فندم .. ميعاد الدوا بتاع  حضرتك.
- حد سأل عليا؟
- لأ يا فندم.
- طيب هاتي الدوا.
- آآآه... مش عارف أعمل إيه بس، الواحد بيموت نفسه والشعب الغبي ده مش مقدر إللي إحنا بنعمله، كل يوم مظاهرات وزفت على دماغهم، مش فالحين غير بس يوقفوا حال البلد.
أجابت بإبتسامة:
- معلش يا سيادة الريس، إحنا مقدرين تعب حضرتك.
- شكرا، خدي الورق ده اكتبيه على الكمبيوتر وراجعيه كويس أوي، إتفضلي يالا على شغلك.. وأول ما علاء يوصل دخليه على طول.
- حاضر يا فندم.
...
...
...
خرجت السكرتيرة من غرفة الرئيس وانهمك هو في أعماله التي لا تنتهي.. أوراق وملفات، صفقات وطلبات... عمل يستمر طوال الوقت ولا ينتهي أبدا، حتى أن رأسه آلمه بشده ثم شعر بالغثيان وسقط مغشيا عليه.
في نفس اللحظة كان قد وصل السيد علاء ودخل مباشرة إلي غرفة أخيه ووجده مستلقيا على الأرض.. اقترب منه بسرعة وتحسس نبضه، وعندما وجده مازال على قيد الحياه خرج مسرعا ليحضر الطبيب.
.....................
بعد 25 دقيقة...
الطبيب:
- حضرتك بتضغط على نفسك أوي يا سيادة الريس.. لازم ترتاح شوية.
جمال:
- أعمل إيه يعني يا سيدي ما هو كل ده عشان خاطر البلد وياريته بيتمر فيكوا شعب (.......)
ابتسم الطبيب في خجل، في حين رد علاء:
- إحنا مقلناش ما تشتغلش يا جمال.. إحنا عارفين إن عليك مسؤليات كتير أوي لكن برضو لازم تهتم بصحتك.
نظر له جمال في غضب شديد، ثم أمر الطبيب بالخروج وبمجرد خروجه صرخ هامساً في وجه علاء:
- إنت اتجننت؟! .. مليون مره أقولك ماتقوليش جمال حاف كده قدام الناس.. إسمي الزفت الريس إنت فاكرنا لسه عيال زي زمان، ولا الشعر الأبيض ده مش مالي عينك؟
-  خلاص يا سيدي أنا آسف.. وبعدين الدكتور ده مننا وعلينا.
- مفيش حاجه اسمها مننا وعلينا.. في حاجه اسمها الأصول، أنت عمرك سمعت حد بيقول على بابا الله يرحمه أي حاجه غير سيادة الريس؟
نظر له علاء نظرات ثابته ولم يرد..
- ما ترد ساكت ليه؟!.. أنا أبويا لحد آخر يوم في عمره مكانش بيتقاله غير سيادة الريس.. حتى بعد ما صرح بأنه مش هيرشح نفسه والناس اختاروني وبقيت أنا الرئيس مش كده ولا إيه؟!.
 علاء مستمر في صمته.. بل واغرورقت عيناه بالدموع وأصبح على وشك البكاء..
- انت مش بترد عليا ليه؟ هو أنا بقول حاجه غلط؟!..
أجاب علاء في تعاطف:
- لأ يا جمال.. قصدي يا سيادة الريس.. كلامك كله صح.
استرخى جمال أكثر في مقعده ثم سأل:
- قولي صحيح هما شالوا ليه التليفزيون من أوضتي.. قصدي يعني من المكتب؟
- مممممم.. مش عارف أكيد بيتصلح؟
- نعم؟! بيتصلح؟؟.. وأنا هستنى لما التليفزيون يتصلح؟ .. أنا عايز واحد دلوقتي حالا.
توتر علاء ولم يعرف كيف يرد..
- قولي بصراحة يا علاء هما شالوا التليفزيون ليه؟.. في إيه مش عايزيني أشوفه؟
- ولا حاجه يا حبيبي.. بأه أنا هخبي عليك يعني؟!
بنفاذ صبر قال:
- قــول فـــي إيـــه يـــا عــــلاء؟
- أ..أصل النهارده 25 يناير.
- وبعدين؟
- والناس عامليــ...
- أوع تقولي إحتفالات.
- الحقيقة هما عاملين إحتفال بالثورة.. ثورة 25 يناير بتاعت سنة 2011
بمنتهى القوة والتحدي سأل:
- والتليفزيون الحكومي كمان بيحتفل؟
- أ..أيوه، مانت عارف إن التليفزيون كله بأه واحد مفيش فرق بين حكومي و خاص.. بعد الثورة التليفزيون بقى بتاع الشارع والناس. 
قام جمال من مجلسه ثم ذرع الغرفة جيئةً وذهاباً وهو يردد: شعب غوغائي غبي.. وثورة الزفت 25 يناير.. أنا مش فاهم هما فارحانين ليه بالـ...... الثورة دي.. خلاص نسيوا أنا عملت لهم إيه.
ثم بدأ يصرخ:
- الشحاتين إللي كانوا أموات وأنا حيتهم.. اللي عمرهم ما داقوا لقمة نضيفة ولا حتى سمعوا عنها،أنا إللي عملتهم.. من غيري كانوا هيفضلوا شعب جاهل وبلد متخلف.. نسوا مشاريعي التنموية!.. نسوا مشروع القاهرة 2050 ومشروع الألف قرية.. وبعد كده يحتفلوا بالثورة.. ثورة إيه وهباب إيه؟!!!!
أنا لازم أعمل مؤتمر صحفي أتكلم فيه معاهم عشان أعرفهم قيمتهم وأفهمهم إنهم من غيري ولا حاجه.. والله مش ناقص غير شويه العيال بتوع الفيس بوك دول يغيروا التاريخ ويقلبوه على دماغنا ويعملوا في مصر عيد قومي جديد... ما يعملوا أحسن مظاهرات ويطالبوا إني أسيب الحكم..!
حاول علاء تهدئته: -"إهدى يا جمال"
إلا أنه ظل يصرخ.. ويصرخ.. اقترب منه علاء ليمسك به حتى لا يؤذي نفسه لكنه دفعه بقوة ليبعده عنه:
- "سيبني.. وماتقوليش أهدى.. مش ههدى.. أنا مش مجنون، أنا الرئيس وكلهم خدامين عندي" .... ثم بدأ في تحطيم كل ما يراه أمامه..!
خرج علاء بسرعه ليحضر الطبيب ..... جاء الطبيب ومعه مساعديه، قام المساعدين بتقييد جمال وأخدوه خارج الغرفة..
- أنتوا بتكتفوني ليه؟ إنتوا إتجننتوا؟ .. والله لوديكوا في داهية يا ولاد الـ (........)، نزل إيدك يا زفت إنت وهو من علياااا
هتف علاء بصوت مرتفع:
- ماتخافش يا جمال هتبقى كويس إن شاء الله.
- ماتقولشش جمال.. قولتلك مليون مرة أنا ســـيـــادة الريـــــس.
.....................
خرج علاء من الغرفة وعيناه لم تفارق أخيه وهو مقيد بين يدي الأطباء.. وأخذ الطبيب ومساعديه جمال إلى غرفة خاصة للعلاج بالصدمات الكهربائية، ومن ثم أغلق علاء الباب بإحكام ثم أخرج منديله لكي ينفض التراب عن اللوحة المعلقة على الباب والتي كان يطلب منه جمال دوما تنظيفها...
خرج علاء من المستشفى (مستشفى الأمراض النفسية والعصبية) ووجهه غارق بالدموع، يبكي على الحال الذي وصل إليه أخيه برغم يقينه بأن المتسبب الأول في ذلك لم يكن سوى جمال نفسه.
........................
أما عن  تلك اللوحه فلقد كتب عليها..... (غرفة سيادة الرئيس جمال الدين محمد حسني مبارك)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق